بقلم: سامح محروس
فى ختام 3 جلسات ناقش خلالها مجلس الشيوخ مشروع قانون التصالح المُحال من الحكومة، أثبت المجلس برئاسة القاضى الجليل المستشار عبد الوهاب عبد الرازق أداء برلمانيًا وقانونيًا رفيع المستوى، وهو أداء يليق بما ينتظره المواطن من إحدى غرفتى البرلمان، وهى تجربة الأكثر إتساقًا مع الحياة الديمقراطية الحديثة فى العالم كله.
كانت البداية قوية منذ الجلسة الأولى (الإثنين 28 نوفمبر 2022)، حين أصر النواب على استخدام حقهم كاملًا فى المراجعة والتصويب، ووافق المجلس على حذف الفقرة الأولى من مشروع القانون المقترح التى أحدثت لبسًا وكان يُفهم منها أن النص يسمح بالتصالح والإزالة، وهو أمر لا يمكن قبوله. كما وافق المجلس على المادة (4) التى تجيز التصالح فى المبانى التى يصعب أو يستحيل إزالتها بشرط أن يكون التصالح بقيمة تعادل ثلاثة أضعاف السعر المحدد. كما تطرق القانون لضوابط التصالح خارج الأحوزة العمرانية.
لم أطلع على النص الكامل للقانون بعد إجازته من الشيوخ، غير أن هذا هو أبرز ما تداولته وسائل الإعلام عنه، وإن كنت أتمنى أن يشتمل على نصوص واضحة تيسر التصالح فى عمليات تغيير الاستخدام من سكنى إلى تجارى أو إدارى والعكس مع سداد الرسوم المقررة، لأن هذا يمثل احتياجًا مجتمعيًا بعيدًا عن الشروط البنائية المتعنتة التى وضعها وزير التنمية المحلية السابق دون أى حوار مجتمعى.
وبصرف النظر عن محتوى القانون، فإن ثمة ملاحظات جديرة بالاهتمام فى أداء مجلس الشيوخ. أولها ذلك الحرص والحماس اللذان اتسم بهما أعضاء المجلس فى التعامل مع مشروع القانون، فقام المجلس بدور فاعل فى المناقشة والمراجعة والتصويب. وثانى الملاحظات تكمن فى طبيعة المناقشات الفنية التى تطرقت إلى أدق التفاصيل بهدف أن تخرج الصياغة القانونية مُحكمة وهذا يتفق مع التركيبة العلمية الراقية التى تميز أعضاء المجلس. والثالثة تتمثل فى حرص المجلس على أن يقوم بدور تشريعى فاعل فى الحياة العامة بقيادة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق وهو فقيه دستورى وقاض جليل، والمؤكد أن هذا الدور يمثل صمام أمان للعملية التشريعية، إذ أنه كلما اتسعت دائرة المراجعة والتدقيق كلما خرج التشريع أكثر جودة وتعبيرًا عن احتياجات المجتمع.
وأتمنى أن يستكمل المجلس دوره خلال الفترة القادمة بمراجعة كافة الاشتراطات البنائية المعمول بها حاليًا، وهى فضلًا عن كونها اشتراطات متعسفة ومُجحفة، فإنها ليست لها صفة تشريعية، ومرجعها قرار إدارى أصدره وزير التنمية المحلية السابق دون أى دراسة لواقع المجتمع وظروفه وتمثل إهدارًا كاملًا للثروة العقارية فى مصر، ولا تراعى خصوصية المدن والقرى التى تختلف تمامًا عن المدن الجديدة وغيرها من مناطق الظهير الصحراوى، بل أنها تدفع المواطنين للتحايل عليها لعدم ملائمتها لظروف البناء فى المناطق القديمة.
تحية واجبة للمستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ ولكل أعضاء المجلس، وننتظر منهم المزيد خلال الفترة القادمة.