تمكنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” في غضون سنوات معدودة من تحقيق عدد من الإنجازات في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي، صحبها مبادرات ومشروعات جعلت المملكة تتبوأ أعلى المراتب في المؤشرات العالمية في الذكاء الاصطناعي متجاوزة دولًا متقدمة في ذلك المجال بحصولها على الترتيب الأول عالمياً في ركيزة الاستراتيجية الحكومية لمؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 2023، والثانية عالمياً في الوعي المجتمعي بالذكاء الاصطناعي وفقاً لمؤشر جامعة ستانفورد الدولي للذكاء الاصطناعي 2023، وقفزت بمدينة الرياض إلى المرتبة 30 عالمياً والثالثة عربياً في مؤشر IMD للمدن الذكية 2023، وسط طموحات وطنية لا تنضب.
وأتت هذه الجهود بعد أن استشعرت القيادة التحولات التي يمر بها العالم جرّاء تطور تقنيات الثورة الصناعية الرابعة التي أصبح أثرها واضحًا لا سيما عقب ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث وجّهت بالاستفادة المُثلى من هذا التقدم التقني لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، ليتُوّج هذا التوجه بأمر ملكي ينص على إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” عام 2019م، ويرأس مجلس إدارتها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وحققت “سدايا” عبر منصة استشراف لدعم اتخاذ القرار وفورات مالية وصلت إلى أكثر من 50 مليار ريال، فضلاً عن وصول عدد المستخدمين النشطين في تطبيق توكلنا خدمات إلى أكثر من 17.9 مليون يقدم لهم أكثر من 240 خدمة إلكترونية، ناهيك عن أكثر من 1.8 مليون طلب تحقق من الهوية الرقمية يومياً عبر منصة نفاذ، كما حققت
279 مليون عملية إجرائية عبر منصة شموس لتسـجيل بيانـات عمليات العملاء المتعاملين مع منشآت القطاع الخاص، وتوفيـر قاعدة بيانات موحدة حـول ذلـك للجهات المستفيدة من القطاعات الحكومية.
وفي وقت قياسي نالت “سدايا” شهادات عالمية منها 4 شهادات من منظمة ICMG الدولية الرائدة بالتميز في هيكلية البنية التقنية بالعالم في مجالات: حوكمة الهيكلة المؤسسية لعملها على تعزيز قيمة العمل وفقاً للأدوار والمسؤوليات وإجراءات محددة، وضمان بناء مكونات التقنية بكفاءة عالية ومواصفات متوافقة، والتحول الرقمي لعملها على منهجية بناء، والمكونات الهيكلية الرقمية وتوظيف أحدث التقنيات، إضافة إلى حوكمة البنية الرقمية لعملها على الهيكل التنظيمي وقدرات القيادات المؤسسية، والتوجهات التقنية والإجراءات المعنية بالبنية الرقمية، والتميز المؤسسي والتمحور حول العميل لعملها على قدرات فهم متطلبات واحتياجات وتوقعات العميل، وتمحور قرارات تصميم المنتجات والخدمات حول تجربة العميل.
وعلى الرغم أن مسيرة بداياتها واجهت ظرفًا استثنائياً عالمياً تمثل في جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على شعوب العالم وتوقفت معها حركة الحياة، إلا أن “سدايا” استنفرت جميع قواها بسواعد منسوبيها من أبناء وبنات الوطن مستشعرة الموقف الوطني الذي تمر به البلاد جرّاء هذه الجائحة وقدمت حلولاً ابتكارية جعلت شريان الحياة ينبض في جميع مناطق المملكة من خلال تطبيق توكلنا ثم أطلقت توكلنا خدمات الذي يقدم خدماته بسبع لغات ويمكن استخدامه في 77 دولة بالعالم، وحصلت منظومة توكلنا على جائزة الأمم المتحدة للخدمة العامة 2022 عن فئة المرونة المؤسسية والاستجابات المبتكرة لجائحة كوفيد-19 وذلك في تأكيد جديد لريادة المملكة تقنيًا ورقميًا.
ولم تكتف “سدايا” بذلك بل عقدت خلال جائحة كورونا – عن بُعد – قمة عالمية للذكاء الاصطناعي عام 2020م جمعت فيها صنّاع القرار والخبراء والمختصين من مختلف دول العالم بما في ذلك الشركات التقنية الرائدة والمستثمرين ورجال الأعمال لبحث أبعاد الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية، ونجاح هذه القمة دعاها إلى عقد قمة حضورية عام 2022م بمشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي وحضور نخبة من صنّاع السياسات والخبراء والمختصين في الذكاء الاصطناعي وتحقيق أكثر من 50 ألف مشاهد افتراضي من أكثر من 100 دولة، كما عملت عبر منظومة بروق على تمكين عقد اجتماعات قمة قادة مجموعة العشرين التي استضافتها المملكة عن بعد خلال عام 2020 بأعلى مستوى من الأمان والموثوقية للاجتماعات الافتراضية.
وواصلت “سدايا” مسيرتها الناجحة فعملت على توظيف تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي في تحقيق رؤية المملكة 2030 حيث يرتبط بهما 66 هدفاً من أهداف الرؤية المباشرة وغير المباشرة من أصل 96 هدفاً للرؤية، ويتمثل دور “سدايا” في قيادة التوجه الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي للإسهام في الارتقاء بالسعودية إلى الريادة ضمن الاقتصادات القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، وكثفت جهودها في تعزيز الجهود الرامية لرفع ترتيب المملكة في المؤشرات العالمية المعنية بالبيانات والذكاء الاصطناعي.
ولسدايا حزمة من المبادرات والمشروعات الرقمية المتميزة، ومنها: مجموعة بيانات صدى، ومشروع “صوتك”، ومشروع تحسين جودة الصور والأفلام التاريخية، ومشروع مراقبة المنتجات البترولية، ومنصة الذكاء الاصطناعي، ومنصة إحسان التي بلغ مجموع تبرعاتها أكثر من 4.4 مليارات ريال استفاد منها أكثر من 4.4 ملايين مستفيد، وفي كل عام تبرز جهود “سدايا” في موسم الحج حيث تؤسس منظومة تقنية متقدمة متكاملة مبنية بخوارزميات وطنية بالذكاء الاصطناعي بالشراكة مع وزارة الداخلية ممثلة في مديرية الأمن العام لخدمة ضيوف الرحمن.
وتوفر “سدايا” أعلى التجهيزات الرقمية المتعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي لتأمين راحة الحجاج عبر خدمات رقمية متقدمة مثل: منصة سواهر، ومنصة بصير التي تم تطويرها لتمكين تنظيم الحشود في المسجد الحرام وإدارة الحركة وفقاً للطاقة الاستيعابية في كل موقع، وشملت الجهود بناء خدمات تقنية متكاملة لدعم مبادرة طريق مكة، وصالات استقبال الحجاج عبر 15 منفذاً جوياً وبحرياً وبرياً بالمملكة وفي مكة المكرمة والطرق المؤدية إليها والمشاعر المقدسة.
وبوصفها المرجع الوطني لكل ما يتعلق بالبيانات والذكاء الاصطناعي فقد سخرت “سدايا” جهودها في سبيل دعم القطاعات الحكومية بمختلف المجالات التنموية ومنها مجال الطاقة، فعملت مع وزارة الطاقة على اتفاقية بين مركزهما المشترك (مركز الذكاء الاصطناعي للطاقة) وشركة Siemens Advanta العالمية لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي لقطاع الطاقة بالمملكة لزيادة كفاءة الطاقة وتعزيز تكامل مصادر الطاقة المتجددة وهي خطوةً مهمة لتطوير الحلول التقنية في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة.
ومن الجهود التي بذلتها “سدايا” هي تحقيق جودة الحياة في مدن المملكة حيث تم إنشاء مركز التميُّز للمدن الذكية الذي يضم منصات متعددة، منها: المنصة الوطنية للمدن الذكية ومنصة سواهر وما يشتمل عليه كلٌّ منهما من مؤشرات تشغيلية حية لمتابعة القطاعات الأمنية والحيوية في مدينة الرياض؛ لدعم المشغلين في مراقبة مستوى الخدمات؛ وذلك بهدف رفع مستوى جودة الحياة، بالإضافة إلى توفير مؤشرات استراتيجية وتحليلات متقدمة ونماذج محاكاة تدعم بناء الخطط والتوجهات المستقبلية في المدن.
وأنشأت “سدايا” مع وزارة الصحة مركز التميّز للذكاء الاصطناعي للقطاع الصحي الذي يهدف إلى تطوير الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي في مجال الصحة، وخرجت هذه الشراكة بتجارب علمية ناجحة مثل: مشروع فحص اعتلال الشبكية السكري بالتعاون مع مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، كما أطلقت مع وزارة البيئة والمياه والزارعة أول مركز متخصص في المملكة والشرق الأوسط لحلول وتطبيقات الاستدامة بمسمى “مركز الذكاء الاصطناعي في البيئة والمياه والزراعة”، وبرنامج “الكوكب الذكي” لإيجاد حلول مبتكرة للمساعدة في الاستفادة من إمكانات الموارد غير المستغلة واستدامتها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأسهمت “سدايا” في بناء القدرات الوطنية من خلال عدد من المشروعات والمبادرات ومنها أكاديمية “سدايا” التي تستهدف رفع مستوى الكفاءات الوطنية في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي وصناعة قدرات بشرية قادرة على قيادة سوق العمل من خلال العديد من البرامج والأنشطة الواعدة التي تتم بالتعاون مع مجموعة من الجهات المحلية والإقليمية والعالمية الرائدة في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي.
وفي ذلك الإطار أسست “سدايا” بالتعاون مع جامعة (كاوست) مركزًا للتميز في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي وكذلك مركز الأبحاث المشترك للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن للإسهام في بناء جيل سعودي قادر على التعامل مع هذه التقنيات بكل احترافية ودعم نمو الابتكارات في هذا الحقل المعرفي الحديث كونها المرجع الوطني في كل ما يتعلق بالبيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة من تنظيم وتطوير وتعامل.
واهتمت “سدايا” بدعم رواد الأعمال حيث أطلقت بالتعاون مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” وشركة علم مبادرة “باقة رواد” التي تهدف لدعم رواد الأعمال من مختلف القطاعات والشركات والمؤسسات الناشئة في المملكة؛ وتسهيل عملية التحقق من بيانات العملاء من الأفراد عن طريق الربط الإلكتروني مع قواعد بيانات مركز المعلومات الوطني وهي جهود تصب في صالح دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بتعزيز استخدام هوية المنشأة في القطاعات الناشئة، وتحقيق أعلى مستويات الأمان والموثوقية.
ولتهيئة المرأة في العالم لسوق العمل في مجالات الذكاء الاصطناعي أطلقت “سدايا” برنامج Elevate”، بالتعاون مع شركة (Google Cloud) ويعد البرنامج الأول من نوعه على مستوى العالم للتدريب والتحق به في مرحلته الأولى 1000 امرأة يُمثلنَ 28 دولة لتدريبهن في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي وتمكين المرأة في العالم من ممارسة وظائف جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في الأسواق الناشئة ويستهدف تدريب أكثر من 25 ألف امرأة خلال الخمس السنوات المقبلة.
وفي الجانب التوعوي نشرت “سدايا” مجموعة من التقارير والدراسات باللغة العربية لتثقيف المجتمع بالبيانات والذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها المتنوعة، وأصدرت تقريراً عن الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة لرفع مستوى الوعي بهذه التقنيات التي باتت عنصرًا مهما في عالم التقنيات المتقدمة في عصرنا الحالي والإسهام في مستقبل أكثر استدامة وفائدة للمجتمعات والأفراد على حد سواء.