أظهر مؤشر إبراهيم للحوكمة في أفريقيا لعام 2022 ركود معدل أداء الحَوكمة في أفريقيا في السنوات الثلاث منذ عام 2019. إن التحسينات في التنمية البشرية والفرص الاقتصادية تتقوض بسبب تزايد خطورة الحالة الأمنية و التراجع السائد عن الديمقراطية، حيث تواجه القارة صعوبات لإدارة الآثار المجتمعة لكوفيد-19، وتغير المناخ، والصراع والانقلابات، فضلا عن انعدام الأمن الغذائي والأمن في مجال الطاقة.
يسلط المؤشر الذي أطلقته مؤسسة محمد إبراهيم، الضوء على إستقرار معدل أداء الحَوكمة في أفريقيا منذ عام 2019 مما يعكس سلسلة من الاضطرابات الناجمة عن مجموعة من العوامل المتمثلة بجائحة كوفيد-19، وزيادة انعدام الأمن، وتراجع الديمقراطية بشكل واسع، مما يشكل تهديدا خطيرا لعدة سنوات من التقدم في القارة.
تعليقاً على البيانات، يقول محمد إبراهيم، رئيس مؤسسة محمد إبراهيم: يسلط مؤشر إبراهيم للحوكمة في أفريقيا لعام 2022 الضوء على ركود معدل أداء الحَوكمة في أفريقيا منذ عام 2019. ما لم نعالج هذا الاتجاه المقلق سريعاً، فإن سنوات التقدم التي شهدناها قد تضيع، ولن تتمكن أفريقيا من الوصول في الوقت المناسب إلى أهداف التنمية المستدامة أو جدول أعمال 2063.
تتعرض قارتنا بصورة خاصة للتأثيرات المتقاربة لتغير المناخ، ومؤخراً كوفيد-19، والآن التأثير غير المباشر للحرب الروسية-الأوكرانية. على الحكومات أن تعالج في آن واحد إنعدام الآفاق للأعداد المتزايدة من شبابنا، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وعدم حصول ما يقرب من نصف سكان القارة على الطاقة، وعبء ديون أثقل ، وتزايد الاضطرابات المحلية. عادت الانقلابات، وانتشر الإرتداد عن الديمقراطية.
إنه وقت حافل بالتحديات. ويجب، أكثر من أي وقت مضى، تجديد الالتزام بتعزيز الحَوكمة، ما لم نفقد كل التقدم المحرز.“
تظهر نتائج مؤشر إبراهيم للحوكمة في أفريقيا لعام 2022 أنه على الرغم من أن متوسط معدل الأداء من حيث الحوكمة الشاملة على مستوى القارة أفضل في عام 2021 مما كان عليه في عام 2012 (+ 1.1)، إلا أن التقدم استقر منذ عام 2019. يقود هذا الركود تدهور كل من فئات مؤشرالأمن وسيادة القانون والمشاركة، والحقوق والشمول، بسبب زيادة النزاعات المسلحة والعنف ضد المدنيين و تراجع الديمقراطية عبرأجزاء متنامية من القارة.
وعلى الرغم من أن مؤشر إبراهيم للحوكمة في أفريقيا يؤكد أن هذه الاتجاهات المقلقة تسبق الوباء، إلا أنه يسلط الضوء على أن إدخال تدابير تقييدية وأحكام الطوارئ لمعالجة كوفيد-19 وتداعياته قد أدى إلى تفاقم التحديات القائمة من خلال تسريع تراجع الممارسات الديمقراطية، و التضييق على المعارضة، وتقليص الحيز المتاح للمجتمع المدني، وتجنب عملية التدقيق الديمقراطي.
أما الفئتين الاثنين الآخرين لمؤشر إبراهيم للحوكمة في أفريقيا- أي التنمية البشرية وأسس الفرص الاقتصادية – توفران سبباً للتفاؤل الحذر، حيث تقدمت كلتا الفئتين خلال الفترة 2012-2021. هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للتنمية البشرية، التي تحسنت على أساس سنوي على مدار العقد، حيث يعيش أكثر من 90 ٪ من سكان أفريقيا في بلد تم إحراز تقدم فيه منذ عام 2012. أما بالنسبة لأسس الفرص الاقتصادية، فإن المستوى الذي تم الوصول إليه في عام 2021 أعلى منه في عام 2012، وهذه هي الفئة الوحيدة التي استمرت في إحراز تقدم منذ عام 2019، على الرغم من الصدمات المزعزعة الناتجة عن الوباء، و يُرَجّح ذلك في الغالب إلى التحسينات الكبيرة في الفئة الفرعية للبنية التحتية.
كما يقدم تقرير مؤشر إبراهيم للحوكمة لعام 2022 رؤى حول فجوات البيانات الرئيسية المتبقية حول أولويات الحوكمة في أفريقيا ، مثل العمالة والصحة والمناطق الريفية وتحديات المناخ. على سبيل المثال، لا تزال الفئة الفرعية للصحة غير قادرة على تضمين بيانات عن الهياكل والإمكانات في مجال الصحة – وهي عنصر حاسم في استجابة القارة لأي جائحة – بسبب نقص البيانات. البيانات ضرورية لصنع السياسات الفعالة وتعزيز إنتاج البيانات واستيعابها في أفريقيا لا تزال أولوية لمؤسسة محمد إبراهيم.
باختصار، يُظهر تقرير مؤشر إبراهيم للحوكمة لعام 2022 أن تقدم الحوكمة يعوقه تباين المسارات، حيث يقابل التقدم في التنمية البشرية وأسس الفرص الاقتصادية تدهور في كل من الأمن وسيادة القانون والمشاركة والحقوق والشمول، مما يعيق الحوكمة الشاملة. ما لم يتم إعطاء الأولوية للحكم الرشيد المستدام، فإن عقودًا من التقدم وقدرة أفريقيا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وجدول أعمال 2063، ستكون مهددة.