سامح محروس
تشير الخريطة الصحفية بمصر إلى أن الصحفيين ينقسمون إلى 4 أنواع حسب جهة عملهم، وهم صحفيو الصحف القومية والحزبية والخاصة ثم الصحفيون المستقلون المقيدون بنقابة الصحفيين ولكن لا يعملون فى أى مؤسسة أو صحيفة.
وفى ذات الوقت توضح الخريطة الصحية أن الخدمة الصحية يتم تقديمها من خلال: وزارة الصحة، ووزارة التعليم العالى (المستشفيات الجامعية)، ثم مستشفيات القوات المسلحة والشرطة، وأخيرًا المستشفيات الخاصة.
والصحفيون بمختلف أنواعهم يرتبطون مع صحفهم بعقود عمل تخضع لقانون العمل، ويتم التأمين عليهم بالتأمينات الاجتماعية تحت بند “القطاع الخاص”. إذن هم ليسوا موظفين بالدولة حتى يستفيدون من خدمات التأمين الصحى، وهم ليسوا مواطنين (على باب الله) حتى تصدر لهم قرارات العلاج على نفقة الدولة. والصحفى حين يمرض لا توجد آلية واضحة لعلاجه، وأغلب المؤسسات الصحفية والصحف – فى وضعها الحالى – تقف عاجزة عن توفير العلاج لأبنائها خاصة إذا استلزم الأمر عملية جراحية كبرى. وفى خلفية المشهد يقف صندوق العلاج بنقابة الصحفيين كملاذ أخير ولكن بحدود ومساهمات جزئية قد تفى أو لا تفى بالغرض.
وأذكر أن زميلة فاضلة تعرضت لموقف استلزم تدخلا جراحيًا عاجلًا يتم بمقتضاه تركيب شرائح ومسامير، فتدخلت لدى زميل تعرفت عليه بالصدفة قبل سنوات لدى لقائى بأحد الوزراء فى مكتبه، ثم انتقل للعمل مستشارًا اعلاميًا معه بعد توليه رئاسة الوزراء، ويشهد الله ويشهد الزميل أننى لم أطلبه يومًا فى مسألة شخصية، وكل ما بينى وبينه مقالات أبعثها له بين الحين والآخر إذا رأيت أن موضوعها يدخل فى دائرة اهتمامه. غير أن ما أطالعه يشير إلى أن هذا الزميل سبق أن تدخل واستصدر قرارات علاج لبعض الزملاء، مما دفعنى لعرض الأمر عليه، فأحالنى للمسئول الطبى، الذى تواصلت معه، وكان رده فى البداية: “من عينيا” ابعث لى الورق، ثم طلب منى أن تتولى الزميلة الاتصال به بنفسها. قلت: وماله .. من حقه أن يطمئن إلى أن الخدمة ستصل لمستحقها دون وسيط، وعندما اتصلت به الزميلة أبلغها اعتذاره عن إصدار قرار العلاج. عاودت الاتصال به مستفسرًا عن سبب التراجع، فقال: أنتم صحفيين .. روحوا التأمين الصحى. فقلت: ليس لنا تأمين صحى إلا لمن يبلغ سن التقاعد، وأشرت إلى أنه سبق أن صدرت قرارات لبعض الزملاء بعيدًا عن هذه “الدوخة”، فأوضح أن الموضوع ليس بيده، وطلب العودة إلى الزميل الذى بعثنى إليه، وأنه يملك استصدار هذا القرار بتدخل شخصى منه إذا أراد.
وأجرت الزميلة عملية جراحية تكلفت 35 ألف جنيه، بعد أن حصلت على مساهمة النقابة، وقامت باستكمال الباقى من مالها الخاص.
هذه السطور ليست شكوى شخصية من موقف غير مريح، ولكن السؤال: ماذا لو كانت العملية ستتكلف مبلغًا أكبر من ذلك؟ وماذا لو كان هذا الموقف قد حدث مع زميل غير قادر على تدبير المبلغ؟
إن علاج الصحفيين لا يجب أن يخضع للتدخلات الفردية، ومدى قناعة الوسيط واستعداده للتدخل بالمساعدة من عدمه، خاصة أن هذا يتوقف على عوامل كثيرة من بينها حالته النفسية والمزاجية وظروف عرض الطلب عليه. كما أن الإنصاف يقتضى الإقرار بأن هذا الزميل ليس من مهامه كمستشار إعلامى علاج زملاءه، ونحن بهذا نضيف عليه أشياء فوق طبيعة مهمته.
أدعو الله تعالى أن يمن بالشفاء العاجل على الزميل الغالى الأستاذ سيد عبد العاطى رئيس تحرير الوفد الأسبق، وشكرًا للرئيس عبد الفتاح السيسى الذى قرر علاج الزميل الكبير على نفقة الدولة، وأتمنى أن تكون هناك آلية مستقرة وإصلاحًا حقيقيًا لملف علاج الصحفيين .. والحديث متصل.